“ميسي من كوكب آخر، ورونالدو مجرد آلة تهديفية”، من منا لم يسمع هذه الجملة عشرات المرات في الفترة الأخيرة سواء على مواقع التواصل الاجتماعي أو من خلال نقاش رياضي بين مجموعة من الأفراد ؟

البعض يلخص مسيرة رونالدو على أنه مجرد هداف فتاك أمام المرمى، حتى أنه لا يرتقي ليكون واحد من أفضل اللاعبين في التاريخ رغم كل الإنجازات الفردية والجماعية التي حققها، فهو بنظرهم لا يراوغ، لا يصنع، لا يشارك في بناء اللعب، لا يتحرك، لا يفعل أي شيء سوى وضع الكرة في المرمى.

رونالدو آلة تهديفية .. إذاً جردوا الجميع من هذا اللقب

إن كان لا بد من وصف رونالدو بهذا اللقب، وعدم الاقتناع بأي دور آخر له، فمن الجريمة حينها أن يوصف اللقب ذاته لأي مهاجم آخر سواء عبر التاريخ أو الوقت الراهن، فلا يمكن أن تصف رونالدو بأنه مجرد “آلة تهديفية”، ثم تطلق نفس اللقب على فيلبو إنزاجي، أو ديديه دروجبا على سبيل المثال.

ولنبقى مع الأمثلة التي طرحناها، إنزاجي مثلاً سجل 313 هدف خلال مسيرته الكاملة مع الأندية والمنتخب، ودروجبا سجل 350 هدف، بينما أحرز رونالدو حتى الآن 647 هدف وما زال أمامه سنوات أخرى ليرفع رصيده التهديفي، أي مجموع ما سجله إنزاجي ودروجبا معاً رغم أنها لاعبان معتزلان، ويعتبرهما الكثيرين من أفضل المهاجمين خلال 30 سنة الأخيرة داخل منطقة الجزاء.

إذا كان رونالدو آلة تهديفية، فلا يوجد آلة تهديفية غيره، وهذا يجعل منه لاعب استثنائي أيضاً لم يأتي مثله، ربما جيرد مولر فقط.

البطل ليس مجرد آلة تهديفية

وجود رونالدو في أي فريق يعطيه أفضلية مسبقة على الخصم في معظم الأحيان، وذلك بسبب القيمة الكبيرة للاعب داخل أرض الملعب، وقدرته الكبيرة على حسم المباراة في أي لحظة، بغض النظر عن كيفية الحسم التي لا تعجب فئة من الجماهير، أو تحاول التقليل منها كأنها شيء سهل يمكن لأي لاعب فعله وهو يستحم.

رونالدو بطل ريال مدريد والبرتغال في معظم المباريات الكبيرة والصغيرة، وبالتالي من غير المنطقي أن نقول عنه مجرد آلة تهديفية، فلو قارنا المباريات الكبيرة التي حسمها رونالدو في آخر موسمين فقط مع المواجهات التي حسمها أي مهاجم آخر، سنجد أن الدون يتفوق على الجميع، بما فيهم ليونيل ميسي.

الأرقام تخدع أحياناً .. لكنها مؤشر

البعض لا يحب لغة الأرقام في كرة القدم على اعتبار أنها تخدع ولا تصف ما يحدث داخل الملعب بشكل واقعي، وهو كلام فيه شيء من الصحة، لكن هذا يحدث عندما نتكلم عن مباراة أو اثنتين، وليس عن موسم كامل أو مسيرة كاملة، فحينها تصبح الأرقام دليل قوي، أو على الأقل مؤشر يمكن الاعتماد عليه.

رونالدو يكمل 30 تمريرة كمعدل عام في المباراة الواحدة خلال الموسم الحالي، وهذا أقل معدل له منذ بداية مسيرته الاحترافية، لكن حتى مع أسوأ مواسمه على صعيد التمريرات والمشاركة في بناء اللعب، فإنه يتفوق على جميع المهاجمين في العالم (رأس الحربة)، وبالتالي لا يمكن أبداً مقارنة الدون بهم.

هاري كين مثلاً الذي يعد أفضل مهاجم في العالم حالياً يكمل 18 تمريرة فقط مع توتنهام في المباراة الواحدة، جونزالو هيجواين 20 تمريرة، روبرت ليفاندوسكي 20 تمريرة، إدينسون كافاني 16 تمريرة.

لا تحتاج لتكون خبيراً بالرياضيات أو علم الإحصاءات لتستنتج أن رونالدو مهاجم مختلف عن السابق ذكرهم، فمن الواضح أنه يشارك أكثر من جميع أقرانه في عملية بناء اللعب حتى وهو يملك أقل معدل للتمرير منذ بداية مسيرته.

بالإضافة إلى ذلك، يعد رونالدو أكثر لاعب صنع أهداف في تاريخ دوري أبطال أوروبا بواقع 39 تمريرة حاسمة، وهو الأكثر صناعة في الليجا بعد ليونيل ميسي في آخر 10 سنوات بـ95 تمريرة حاسمة، فكيف لمجرد “آلة تهديفية” أن تصنع كل هذه الأهداف ؟

مسيرة اللاعب لا تتلخص في آخر موسمين

نعم رونالدو أصبح أقرب إلى المرمى في المواسم الأخيرة وأحياناً يلعب كرأس حربة، لكن هذا لا يعطينا الحق لنقول عنه أنه كان مهاجم صريح عند انتهاء مسيرته الاحترافية، فلا يمكن أن نتغاضى عن 12 موسم له كان يلعب فيها كجناح تقليدي، ثم نحصره في إطار رأس الحربة لأجل موسمين.

إن كنت تشك بقدرة رونالدو على المراوغة، أو الانطلاق من الخلف، أو تحويل العرضيات وغيرها من الأمور التي يفعلها لاعب الجناج، فهناك مئات مقاطع الفيديو التي يمكن أن تجدها على موقع “يوتيوب” وستريك ذلك بعينيك، وإن كنت تعتقد أنه لا يسجل سوى الأهداف السهلة، فستجد أيضاً مجموعة كبيرة من الأهداف الإعجازية سواء بعد فاصل مهاري أو تسديدات استثنائية من خارج منطقة الجزء.

فيديو مهم : ماذا ينتظر جون سينا من أندرتيكر ؟