ليس من السهل الادعاء أن كريم بنزيما أفضل من لويس سواريز، فمجرد عقد مقارنة بين اللاعبين في السنوات الماضية يعتبر شيء غير منطقي نظراً للتفوق الساحق للمهاجم الأوروجوياني في تسجيل الأهداف، وربما صناعتها أيضاً.

لكن الحقيقة في كرة القدم ليست مطلقة، وتتغير في كل موسم بحسب الظروف والعوامل، ومن التغييرات التي طرأت مؤخراً وقلبت المعادلة بين بنزيما وسواريز هي رحيل كريستيانو رونالدو عن ريال مدريد الذي حرر كريم بنزيما وأتاح له الفرصة بإظهار قدراته الحقيقة.

ما جعل جميع المدربين يعتمدون على بنزيما طوال هذه السنوات، ليس بسبب براعته في التهديف، فهو مهاجم متوسط من هذه الناحية، وأحياناً يكون سيئاً، لكنه يمتاز بأدوار أخرى لا يجيدها معظم مهاجمي العالم، الأمر لا يتعلق بفتح المساحات والادوار التكتيكية التي يتحدث عنها الجميع، فهي برأيي مصطلحات “مطاطة” يصعب ملاحظتها أو قياسها، وإنما بالقدرة الكبيرة التي يملكها في عمليتي التحضير والاحتفاظ بالكرة والتحرك لطلبها حتى لو استدعى ذلك العودة لمنتصف الملعب.

مباراة الكلاسيكو بين برشلونة وريال مدريد يوم أمس توضح مدى أهمية بنزيما والدور الذي يلعبه في ريال مدريد، فقد صنع 4 فرص سانحة للتسجيل، وقدم تمريرة حاسمة لزميله لوكاس فاسكيز، والرقم الأهم أنه قدم 40 تمريرة بنسبة نجاح بلغت 90%.

لو قارنا هذه الأرقام مع ما فعله لويس سواريز، سنجد أن الأخير لم يصنع أي هدف، ولم يصنع أي فرصة سانحة للتسجيل، وقدم 30 تمريرة فقط بنسبة نجاح لم تتجاوز 83%، هذا على الرغم أن برشلونة استحوذ على الكرة بنسبة أعلى من ريال مدريد، وكان من الطبيعي أن يتفوق على بنزيما في جميع هذه الأرقام.

المهاجم الصريح الذي يكمل 40 تمريرة ويصنع فرص لزملائه رغم أن فريقه لم يستحوذ سوى 43% فقط، هو مهاجم غير تقليدي أبداً، ولا يوجد أي لاعب بمواصفاته في العالم بالوقت الحالي، حتى روبيرتو فيرمينو الذي هو ليس مهاجماً صريحاً بالأساس لا يقدم نفس الأداء خصوصاً في المباريات الصعبة.

ولو عقدنا نفس المقارنة بين بنزيما وسواريز على مدار الموسم كاملاً، نجد أن متوسط تمريرات المهاجم الفرنسي بلغ 33 تمريرة في المباراة الواحدة، مقابل 28 فقط للويس سواريز، بينما يصنع الاول 1.4 فرصة سانحة للتسجيل، في حين يصنع الثاني 1.2 فرصة في المباراة الواحدة.

لاحظ ان بنزيما يتفوق على لويس سواريز شخصياً بأدوار التحضير والمشاركة بالهجمات، رغم أن المهاجم الأوروجوياني يعد من أكثر المهاجمين تحركاً ويملك مهارة في التعامل مع الكرة، ولو قارنا أرقامه مع مهاجمين آخرين مثل ليفاندوفسكي أو كافاني سنجد أن هناك فارق كبير جداً.

بعد رحيل رونالدو، انفجر بنزيما تهديفاً وبدأ يتقمص دور البطل في ريال مدريد، حيث سجل 18 هدفاً في جميع المسابقات مقابل 16 هدف أحرزه المهاجم الأوروجوياني في الموسم الحالي، ومع كل هذه الأرقام، يمكننا القول أن مهاجم الريال هو الأفضل في العالم بمركزه طالما أنه يسجل الأهداف مثل بقية المهاجمين الكبار، لأنه يتفوق عليهم في جميع الأدوار الأخرى.