ليس شيء جديد القول بأن بايرن ميونخ أحد أقوى فرق أوروبا وريال مدريد و يوجد فريق يرغب في مواجهته، مثلما أن أي فريق في أوروبا لا يرغب في مواجهة الريال، هذه قاعدة لا يمكن أن نشذ عنها فكلا الفريقين يملكان الأسلحة لتحقيق لقب دوري أبطال أوروبا في الموسم الحالي.

لكن مشكلة ريال مدريد أمام البايرن أكثر من أنه فريق قوي ويملك نجوم مميزين ومدرب على أعلى مستوى، المشكلة أن أسلوب لعب الريال ونقاط قوته ربما لا تكون فعالة بالشكل الكافي أمام البافاري، وهو ما يتطلب عمل أكبر من زيدان ولاعبيه في لقاء الغد.

ريال مدريد ما بين الواقعية والضغط العالي كمجموعة واحدة .. هل تفلح هذه الأفكار ضد البايرن؟

 ريال مدريد في المباريات الكبرى حالياً يتبع أسلوبين، الأول هو الواقعية بالتراجع نحو الدفاع بعشرة لاعبين حين فقدان الكرة لتقليص المساحات أمام منطقة الجزاء، ثم بناء الهجمة بتروي حين امتلاكها بدون استعجال أو اندفاع سريع نحو ملعب الخصم. في هذه الخطة يبدأ الضغط في وسط ملعب الريال فقط, بغير ذلك يعمل اللاعبون على اغلاق المساحات بدون ضغط، هذا الأسلوب اتبع ضد برشلونة، ضد نابولي في لقاء العودة، وضد مانشستر سيتي في الموسم الماضي.

مشكلة الريال أن الأسلوب الأول لم يكن فعالاً في الموسم الحالي حينما طبق ضد نابولي، السبب يعود إلى أن هناك تقاعس من بعض اللاعبين في تأدية دورهم في إغلاق المساحة واللعب بواقعية، أو بالأحرى، لاعبو الريال يشعرون أنهم أبطال أوروبا ويبدو أن الأسلوب الواقعي لا ينسجم مع أفكارهم.

عدم القدرة على التمركز بشكل فعال، ومتابعة لاعبي المنافس وهم يتحركون بين الخطوط سيعد قاتل لريال مدريد ضد فريق بحجم بايرن ميونخ لأنه بالأساس يجيد اللعب ضد الفرق التي تتمركز في الخلف منذ عهد بيب جوارديولا، كما أصبح أكثر مباشرة نحو المرمى في عهد أنشيلوتي.

النقطة الأخرى أن ريال مدريد في حال أراد الاعتماد على المساحات في ملعب البايرن عبر التراجع للخلف بأكبر قدر ممكن من اللاعبين ربما لن يكون فعالاً مثلما كان عليه الحال في عهد جوارديولا، أنشيلوتي مدرب أكثر واقعية ويملك قدرات أفضل في الموازنة بين الاستحواذ على الكرة في ملعب الخصم، وامتلاك القدرة على إغلاق المساحات في الخلف حين فقدان الكرة عبر الارتداد التدريجي مع الضغط على حامل الكرة.

الأسلوب الثاني هو الضغط العالي والمستمر والمتواصل كفريق وكتلة واحدة، لاعب على حامل الكرة، وثلاث إلى أربع لاعبين يراقبون مفاتيح اللعب التي تقف حوله ولا يتركون لهم المجال لاستلام الكرة بأريحية. وحين استعادة الكرة يتم بناء اللعب بشكل سريع ومباشر نحو مرمى المنافس. أسلوب اتبع ضد أتلتيكو مدريد، إشبيلية، بوروسيا دورتموند، وغيره من الأندية.

هذا الأسلوب ربما يكون فعال أكثر ضد البايرن في الحالة الهجومية وسيوفر للريال فرصة لافتكاك الكرة في مناطق خطرة، لكن هنا تبرز المعضلة التي تتمثل في نجاح أنشيلوتي بخلق سرعة هائلة في نقل الكرة من الدفاع إلى الهجوم.

البايرن قدم لنا في المباريات الماضية بعض اللمحات في الانتقال من الحالة الدفاعية للهجومية في ثواني معدودة وبثلاث أو أربع نقلات للكرة رغم أن الخصم يكون في حالة ضغط عالي، هذه الميزة ستجعل الريال في مرمى نيران البافاري باستمرار، المسألة لا تتطلب 100 هجمة مرتدة وسريعة ومباشرة على المرمى، فيكفي اثنتين أو ثلاث حتى تصبح المباراة صعبة جداً على الريال.

ثانياً .. سلاح الكرات العالية

الكرات العالية مثلت سلاح هام وفتاك جداً لصالح ريال مدريد من أجل فك شيفرة دفاع المنافس في العديد من المباريات، الريال حينما تغلق المنافذ أمامه نحو المرمى أمام فريق قوي وصلب في وسط الملعب (مثل بايرن ميونخ) يبدأ في الاعتماد على الكرات العرضية لاستغلال مهارات لاعبيه في التمركز، الارتقاء، وتنفيذ الضربات الرأسية بدقة.

المشكلة التي تبرز هنا أن البايرن مميز أيضاً في التعامل مع الكرات العالية وتطور بذلك في عهد أنشيلوتي، صحيح أن ماتس هاملز الذي يعد من الأسباب التي حسنت البافاري في هذا الجانب لن يلعب غداً، لكن تبقى المسألة في جينات وفكر الفريق ككل.

الريال باعتقادي ما زال يملك الأفضلية في الكرات العالية رغم تحسن البايرن، لكن كلامي هنا أن المسألة لن تكون بالسهولة الكافية، على الأقل البايرن لن يسمح للاعب الجناح أن يرسل كرة عالية بأريحية ودون التعرض للضغط.

كل ذلك لا يعني أن ريال مدريد سيخسر

ما أقوله في المقال الحالي أن المواجهة صعبة حقاً على ريال مدريد لأن نقاط قوته ربما لن تكون فعالة كما يرغب به زيدان ولاعبوه، ونقاط ضعف الريال يملك البافاري أسلحة جيدة لاستغلالها، وهنا تكمن الخطورة الأكبر في اللقاء.

رغم ذلك ما يزال يملك ريال مدريد فرصة جيدة للعبور إلى نصف النهائي تساوي تماماً فرصة البايرن، لكن المسألة تتعلق بالإجادة، فمن يجيد أكثر من الآخر في تطبيق أسلوبه، بدون أخطاء، وبتركيز عالي، سيعبر إلى الدور التالي، إجادة ريال مدريد وتفاني لاعبيه في تطبيق أفكار المدرب سيكون سلاحهم للتغلب على نقاط قوة البايرن.